Page images
PDF
EPUB

لا يوجد مثلها سالفاً . في أضعاف هذه السنين مضاعفاً . ما لو قيد بتأليف الكتب . وحفظ تتصنيف الأشعار فيه والخطب . وخلد على شرحه في تواريخ السنين والحقب . لأوفى على ماسلف وتقدم في علو الرتب . وقد أثبت من هذا أيضاً طرفاً طفيفاً . ونبذاً موجزاً خفيفاً . لثلا تخرج هذه الأخبار عن سبيلها ولا تخلو مع ذلك من فنون لا توجد إلا فيها وليستفيد منها العاقل اللبيب . والفطن الاريب . إذا طرقت سمعه وخالطت فهمه من آداب النفس. ولطافة الذهن والحس . مايغنيه عن مباشرة الأحوال . و تلقن مثله من أفواه الرجال . ويحنكه في العلم بالمعاش والمعاد . والمعرفة بعواقب الصلاح والفساد . وما يفضى إليه أواخر الأمور . ويساس به كافة الجمهور. ويجتنبه من المكاره حتى لا يتوغل في أمثالها . ولا يتورط منظائرها وأشكالها . ولا يحتاج معها إلى إنفاق عمره في التجارب . وانتظار ما تكشفه له السنون من العواقب. وأوردت ما كتبته مما كان في حفظي سالفاً . مختلطاً بما سمعته آنها . من غير أن أجعله أبواباً مبوبة . ولا أصنفه أنواعاً مرتبة . لأن فيها أخباراً تصلح أن يذاكر بكل واحد منها في عدة مكان وأكثرها مما لو شغلت نفسى فيه بالنظم والتأليف . والترتيب

(1)

3

والتصنيف . لبرد واستثقل وكان إذا وقف قارئه على خبر من أول كل باب فيه . علم أن مثله باقيه . فقل لقراءة جميعه ارتياحه ونشاطه . وضاق فيه توسطه وانبساطه . ولكان ذلك أيضاً يفسد بما في أثنائه من الفضول. والأشعار والرسائل والأمثال والفصول . التي إن رتبت على الابواب

(1) لعله أماكن

(~)

عن

وجب أن توصل بما تقدم من أشباهها وتردد في الكتب من أمثالها فينتقض ما شرطناه . ويبطل ما ذكرناه . من أن هذه الاخبار جنس لم يسبق إلى كتبه وانا إنما تلقطناه من الأفواه دون الأوراق ونخرج بذلك القصد والمراد . والفرض المطلوب فى الاستقامة والسداد . وليست الفائدة فيها التنويع ولا المغزى التأليف بل لعل كثيراً مما فيها لا نظير له ولا شكل . وهو وحده جنس وأصل . واختلاطها أطيب في الآذان وأدخل . وأخف على القلوب من الاذان . وأوصل . وعلى أنى وان كنت أتجنب بجهدى أن أثبت فيها شيئاً قد كتب قبلى أو تنبه على الفائدة في إثباته سواي إلا الشعر فأنه غير داخل في هذا الأمر فأنى في الأقل ربما كتبت شيئاً أعلم أنه موجود فى الدفاتر عقيب شيء يوجبه فلا نحو إليه. فلاجل فائدة تحسنه ونحض عليه . واعتماد الترصيع هذه الاخبار . بما يحبها الى أكثر طلاب الآثار . وقد جعلت كل واحد من أجزائها وهو مائة ورقة واحدا قائماً بنفسه . مستغنيا عن الباقى من جنسه . لتخلو فائدته . لقارئه دون غيره . ولا يضطر إلى سواه مع حضوره . وإن كان في غيره ضروب أخر من الفوائد لا تعلم إلا منه . وصدرت كل جزء برسالة تدل على جنس الأخبار المورودة (۱) في جميع الأجزاء والغرض فيها والسبب الباعث على جمعها مختصرة لهذا الشرح الطويل وموجزة من جملة هذا الكلام الكثير . وأوردت فى كل جزء ما اتفق إيراده مختلطاً مما ربما كان

في الاجزاء الاخر ماهو فى معناه داخل . ومن نوعه وفنه حاصل . ومما

(۱) لعله الموردة

ليس فيها أخ له على حسب ماسنح وتيسر . واتفق ولم يتعذر . وأرجو أن يبور ما جمعته. ولا يضيع ماتعبت فيه وكتبته وأثبته من ذلك وصنعته. فلو لم يكن فيه إلا أنه خير من موضعه بياضاً لكانت فائدة إن شاء الله تعالى وإياه أسأل التوفيق في المقال. والتسديد في جميع الأفعال . والعصمة من الزلل . والحفظ من الخطأ والوهل. إنه بذلك ولى . وبالمرجو منه فيه ملى . وهو حبسي وإليه في كل أمر مرجعى وعليه توكلى ولا حول ولا قوة إلا به إنه نعم المولى والوكيل

حدثني أبو العباس هبة الله بن محمد بن يوسف المعروف بابن المنجم النديم وهو أحد بني يحيى ابن أبي منصور المنجم صاحب المأمون و محل أهله وسلفه وبيته فى منادمة الخلفاء والوزراء والامراء مشهور وموضعهم من الكلام والنجوم والعلم والادب وقول الشعر وتصنيف الكتب في أنواع ذلك معروف ومكانهم من المنزلة في خدمة السلطان وعظم النعمة والحال متعالم و محل أبى العباس فى نفسه أشهر من أن يجهل في العلم والأدب وقول الشعر والمعرفة بالجدل والفقه وغير ذلك مما يفوق به . وقد نادم أبا محمد المهلي رحمه الله واختص به ونفق عليه سنين كثيرة ومن بعده من الوزراء وغيرهم من الرؤساء وهو أحد بقايا أهل بيته . قال كنت بحضرة أبي مخلد عبد الله بن يحي الطبري صاحب معز الدولة فجرى ذكر الكرم والكرام والجود والأجواد وما كانت البرامكة وغيرها تأتى من الافضال على الناس فأخذ أبو مخلد يدفع هذا ويبطله حتى قال هذه حيل نصبها الشحاذون

على دراهم الناس لا أصل لها . فقلت له أيها الشيخ إن قلت ذلك فقال صاعد مثله فأجيب . فقال ما قال ؟ فقلت له حكى له جود البرامكة فقال هذا من موضوعات الوراقين وكذبهم وكان أبو العيناء حاضراً فقال له فلم لا يكذب على الوزير أعزه الله (وهو يرجى ويخاف وأولئك . وتى مايوس من خيرهم وشر هم مثل هذا الكذب ؟ قال فخجل أبو مخلد . وفي معنى هذا ما أذكره وإن كان موجوداً في الكتب ولكنه على سبيل الاستعادة

وهو حسن :

حدثني أبو محمد يحيى بن محمد الازدى قال : بلغني أن ابن الزيات لما جعل فى التنور قال له بعض خدمه لهذا وشهه ه كنا نشير عليك بفعل الاحسان وتقليد رقاب الرجال بالامتنان واتخاذ الصنائع في حال القدرة لتجازى بها الآن عند الحاجة . قال لو كنت فعلت هذا ماحصلت منه على طائل لما في نفوس الناس من ضعف الإخاء وكثرة الغدر وقلة الوفاء و تراني كنت أفعل أكثر من أفعال البرامكة ما نفعهم لما حصلوا على مثل حالى من إسلام الزمان وجور السلطان . فقال له الخادم لو لم ينفعهم إلا

ذكرك لهم في مثل هذه الحال التي أنت فيها لكان ذلك أكثر نفع . وحدثني أبو الفرج على بن الحسن الأصفهاني الكاتب قال حدثني الحسن بن على قال حدثنا ابن مهرويه قال حدثنا أبو الشبل عصم بن وهب البرجمي قال حضرت مجلس عبيد الله بن يحيى بن خاقان وكان إلى محسن وعلى مفضلاً فجرى ذكر البرامكة ووصف الناس لهم بالجود وما قالوا في كرمهم وجوائزهم فأكثروا فقمت في وسط المجلس وقلت أيها الوزير

قد حكمت في هذا الخطب حكما نظمته في بيتي شعر لا يقدر أحد أن يرده

على وإنما جعلته شعراً ليبقى ويدور أفيأذن الوزير في إنشادها ؟

فقال قل فرب صواب قلته . فقلت :

رأيت عبيد الله أندى أناملا وأكرم من فضل بن يحيى بن خالد

ورواه الناس مرة أخرى فقال فيه

وأكرم من فضل ويحي وجده

(1)

أفضل سوددا أولئك جادوا والزمان مساعد وقد جاد ذا والدهـى غير مساعد حضرت مجلس الحسن بن على بن زيد المنجم غلام أبى نافع وهو إذ ذاك عامل معز الدولة رحمه الله على الأهواز وقطعة من كورها و محله عنده كمحل وزرائه وكان قد خدم أبى رحمه الله قديما بعد مفارقته خدمة القاسم بن دينار عامل الأهواز وتوكل له فى داره وضيعته وخلفه على العيار في دار الضرب بسوق الأهواز ثم خلطه بخدمة أبي عبد الله البريدي فعلت منزلته ثم بلغت الحال ماذكرته فكنت إذا جئته وهو إذ ذاك على غاية الجلالة وأنا في حد الأحداث اختصنى وكان يعجبه أن يقرظ في وجهه فأفاض قوم في

(۲)

مدحه وذكر عمارته للوقوف والسقايات و ادراره الماء في ذنابة المسرقان () وتفريقه مال الصدقات على أهلها وذنبت معهم في ذلك . فقال لى هو : يا بنى أرباب هذه الدولة إذا حدثوا عنى بهذا وشبهه قالوا المنجم إنما يفعل هذا رياء وما أفعله إلا لله تعالى وإن كان رياء فهو حسن أيضا فلم لا يراؤون

(۱) اغانی ١٣ : ٢٥ (٢) المسرقان نهر بخوزستان عليه عدة قرى و بلدان و مبداه من تستر . والذنابة بكسر الذال منتهى الوادى

« PreviousContinue »