Page images
PDF
EPUB

(1)

اليه من له في الديلم والجيل بخمسمائة دينار وقصته مشهورة . قال : فأخبرني هو قال : كنت أداخل وأدعوهم ولا يشكون أنى ديلمي وأعطيهم علامات بلدانهم فاذا وقع من تفطن بي أعطيته شطر الرزق . قال وكنت آكل الثوم ولا أتعالج للصنان وأصبر خيفة على مذاهب الديلم وأجى فأرتفع فى القيام حتى ألزق بأبي القاسم مما يلى رأسه فيموت من بعض رائحتي . قال وعلت حالى عنده وكان يطرح كرسيا برسم الخاصة فاذا جلست اصطدت الذباب وقتلته بحضرته كانى ديلمي قح فكان يضج منى ويقول يا قوم اعفونى من هذا الديلمى القح البغيض المنتن وخذوا منى أضعاف رزقه . فأقمت عنده كذا سنين إلى أن انكشف خبرى فهربت من يده . وهذا من طيب أخبار المورثين المتخلفين فأوردته . ومن طيب أخبار متخلفى المورثين ما أخبرت به من أن أحدهم ورث مالاً جسيما فتقاين وعمل كل ما اشتهى فبلغنى فقال : أريد أن تفتحوا لى صناعة لا تعود على بشئ أتلف بها هذا المال . فقال له أحد جلسائه : اشتر التمر من الموصل واحمله إلى البصرة فانك تهلك المال . فقال : هذا إذا فعل عاد منه ولو اثنان فى العشرة تبقى من أصل المال . فقال له آخر : اشتر هــذه الإبر الخياطية التي تكون ثلاثا بدرهم وأربعا وتتبعها فإذا اجتمع لك عشرة آلاف إبرة بجملة الدراهم فأسبكها نقرة وبعها بدرهمين . فقال أليس يرجع من ثمنها درهمان ؟ فقال له أحدهم : كأنك تريد ما لا يرجع منه شيء البتة . فقال : نعم . فقال : تشترى ما شئت من الأمتمة وتخرج به إلى الأعراب

( 1 ) الكلام ههنا مضطرب

(۱۲)

فتبيعه عليهم وتأخذ سفاتجهم إلى الأكراد وتبيع على الأكراد وتأخذ سفاتجهم إلى الاعراب . قال : فكان يعمل هذا حتى فني ماله . وبلغني أن آخر أسرع فى ماله فبقيت منه نحو خمسة آلاف دينار فقال : أريد أن تفنى بسرعة حتى أنظر أى شيء أعمل بعدها . فعرضت عليه أشياء من هذا الجنس فلم يردها فقال له بعض أصحابه : تبتاع زجاجاً مخروطاً بالمال كله إلا خمسمائة دينار وتعبيه بحذائك فيكون في نهاية الحسن وتنفق الخمسمائة

قدحا و

[ocr errors]

دينار فى يوم واحد فى جذور المغنيات والفاكهة والطيب والشراب والثلج والطعام فاذا قارب الشراب أن يفنى أطلقت فارتين في الزجاج وأطلقت خلفهما سنوراً فيتعادى الفار والسنور في الزجاج فيكسر جميعه وتذهب عن الباقى . فقال : هذا طيب . فعمل ذلك وجلس يشرب فحين سكر قال: هي . وأطلق الرجل الفارتين والسنور وتكسر الزجاج وهو يضحك ونام وقام الرجل ورفقاؤه فجمعوا ذلك الزجاج وعملوا من قنينة قد تشعثت قد ومن قدح تكسر برنية غالية ولزقوا ما تصدع وباعوه بينهم فرجع عليهم منه دراهم صالحة اقتسموها وانصرفوا عن الرجل فلم يعرفوا خبره . فلما كان بعد سنة قال صاحب المشورة بالزجاج والفأر والسنور : لو مضيت إلى ذلك المدبر فعرفت خبره . فجاء فاذا هو قد باع قماش بيته وأنفقه ونقض داره وباعها وسقوفها حتى لم يبق إلا الدهليز وهو نائم فيه على قطن متغط بقطن قد فتق من لحف وفرش بيعت وبقى القطن فهو يتوطاه ويتغطى به من البرد . قال : فرأيته فكأنه سفرجل يلتجئ بين القطنين . فقلت : يا مشئوم ما هذا ؟ قال : ما تراه . فقلت : في نفسك :

حسرة ؟ قال : نعم . قلت : ما هي ؟ قال : أشتهي أن أرى فلانة (مغنية كان يعشقها وأتلف أكثر المال عليها ) . قال : وبكى فرققت له وأعطيته منزلى ثياباً فلبسها وجئنا الى بيت المغنية فقدرت أن حاله قد أثابت من فدخلنا إليها فحين رأته أكرمته وبشت به وسألته عن خبره فصدقها عن الصورة فقالت له فى الحال : قم قم . قال : لم ؟ قالت : لثلا تيجى ستى وتراك وليس معك شيء فتحرد على لم أدخلتك فاخرج الى برا حتى أصعد أكلمك من فوق . فخرج وجلس ينتظر أن تخاطبه من روزنة في الدار إلى الشارع وهو جالس فقلبت عليه .رقة قدر سكباج وصيرته آية ونكالاً وضحكت. قال : فيكي وقال : يا أبا فلان يبلغ أ.رى إلى هاهنا أشهد الله وأشهدك أنى تائب . قال : فأخذت أطنز به وقلت : أيش تنفعك التوبة الآن ؟ قال : ورددته إلى بيته ونزعت ثيابى منه وتركته ثنى القطن كما كان أولا وحملت نيابي فغسلتها وأيست منه . فما عرفت له خبراً نحو ثلاث سنين فأنا ذات يوم فى باب الطاق فاذا بغلام يطرق لرجل راكب فرفعت رأسى إليه فاذا به على برذون فاره بمركب خفيف مليح فضة وتياب حسنة و دراريع فاخرة وطيب طيب وكان من أولاد الكتاب وكان قديماً أيام يساره يركب من الدواب أفرهها ومن المراكب أخرها وآلته وثيابه أخر شئ كما كان ترك عليه وورثه من والديه . فحين رآني قال : فلان . فعلمت أن حاله قد صلحت فقبلت فخذه وقلت : سيدى أبو فلان . فقال

ء

. قلت : أيش هذا ؟ قال : صنع الله والحمد لله البيت البيت . فتبعته

حتى انهى إلى بابه فاذا بالدار الأولة قدومها وجعلها صحناً واحداً فيه

:

[merged small][ocr errors]

بستان وجصصها من غير بياض وطبقها وترك فيها مجلساً واحداً حسناً عامراً وجعل باقى المجالس صحناً وقد صارت طيبة إلا أنها ليست بذلك السرو الأول وأدخلنى إلى حجرة كانت له قديماً يخلو فيها وقد أعادها إلى أحسن ما كانت عليه وفيها فرش حسن ليس من ذلك الجنس وفى داره أربعة غلمان قد جعل خدمتين إلى كل واحد منهم وخادم شيخ كنت أعرفه له قدرده وجعله بواباً وشاكرى وهو سائسه وجلس بجاؤوه بآلة مقتصدة نظيفة فخدم بها وبفاكهة مختصرة متوسطة وطعام نظيف كاف إلا أنه قليل فأكلنا ونبيذ تمر جيد فجعلوه بين يدى وبمطبوخ جيد بين يديه ومدت ستارة فاذا بغناء طيب وبخر بعود طرى وند جميعاً . وأنا متشوف إلى علم السبب فلا طابت نفسه قال : يا فلان تذكر أيامنا الأولة ؟ قلت : نعم . قال : أنا الآن في نعمة متوسطة وما قد أفدته من العقل والعلم بالزمان أحب إلى من تلك النعمة . هو ذا ترى فرشى ؟ قلت : نعم . قال : إن لم يكن ذلك العظيم فهو مما يتجمل به أوساط الناس . قلت: نعم . قال : وكذلك آلتي وثيابي ومركوبى وطعامى وفاكهتى وشرابى فأخذ ويقول في كل فصل ان لم يكن ذلك المفرط فقيه جمال وبلاغ وكفاية الى أن ذكر غلمانه ويضيف ذلك الى أمره الأول ويقول هذا يغنى عن ذلك وقد تخلصت من تلك الشدة الشديدة تذكر يوم عاملتني المغنية لعنها الله بما عاملتني به وما عاملتني به ذلك اليوم وقلته فى كل يوم وفى يوم الزجاج؟ فقلت : هذا قد مضى والحمد لله الذى أخلف عليك وخلصك مما كنت فيه فمن أين لك هذه النعمة والجارية التي تغنينا الآن ؟ فقال : اشتريتها

يعدد

بألف دينار وربحت جذور القيان وأمرى الآن على غاية الانتظام والاستقامة . فقلت : من أين هذا ؟ قال : مات خادم لا بى وابن عم لنا بمصر في يوم واحد خلفا ثلاثين ألف دينار فحملت الى بأسرها فوصلت فى وقت واحد وأنا بين القطن كما رأيت محمدت الله واعتقدت أن لا أبذر وأن أدبر وأعيش بها الى أن أموت وأنفقها على اقتصاد فعمرت هذه الدار واشتريت جميع ما فيها من فرش وآلة وثياب ومركوب وجوار وغلمان بخمسة آلاف دينار وجعلت تحت الارض خمسة آلاف دينار عدة للحوادث وابتعت ضياعاً ومستغلا بعشرة آلاف دينار يغل لي في كل سنة مقدار تفقتى على هذا المقدار الذى تراه من النفقة ويفضل لى فى كل سنة الى وقت ورود الغلات شيء آخر حتى لا أحتاج أقترض ولا أستدين وأمرى يمشى على هذا وأنا فى طلبك منذ سنة ما عرفت لك خبرا فاني أحببت أن ترى رجوع حالى ومن دوام صلاحها واستقامتها ثم لا أعاشرك ياعاض بظر أمه أبدا خذوا يا غلمان برجله . قال : فجروا والله برجلى وأخرجونى ولم يدعونى أتم شربى عنده ذلك اليوم وكنت ألقاه بعد ذلك على الطريق أتم راكباً فيضحك اذا رآنى ولا يعاشرنى ولا أحداً من تلك الطبقة . ويبعد في نفسى ما حكي من أمر، سفاتج الاعراب والأكراد والزجاج فان هذا عندى لا تسمح به نفس مجنون . ولكن قد حكى أن رجلا من أولاد التجار ببغداد يقال له ابن الدكيني وخبره مشهور ببغداد مات أبوه فخلف عليه خمسمائة ألف دينار فلعب بها لعبا لم يسمع قط بأعظم منها وكان يضاهى المقتدر واذا بلغه أنه عمل شيئاً من ألوان اللذة والطيب واللعب عمل

« PreviousContinue »