Page images
PDF
EPUB

مصادرته وأحسن إليه .

حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف قال : حدثنى قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن احمد قال : تجاربنا بحضرة أبى محمد المهلى ذكر الاقبال والادبار فقال : ليس الاقبال أكثر من الحركة والتواضع ولا الادبار أكثر من الكسل والكبر .

أنشدني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد النصيبيني المخزومي

الكاتب المعروف بالببغاء لنفسه قصيدة منها .

جاورت بالحب قلباً لم تذر فكرى للحب مستمتعا فيه ولم تدع يصبو ولكن يكف الحلم صبوته وأشرف الحب أدناه من الورع وبى أمس غرام لو أنست إلى الشكوى ولكن أعد الصبر للجزع ما بال أهل زمانى من تجاهلهم بموضعى بين مغبون ومختدع من لم تزد قومه أفعاله شرفاً بالفضل فهو لمعنى غير مخترع عفت الموارد الما لم أجد ظمأ في كثرة الماء ما يغنى عن الجرع وأنشدنى لنفسه قصيدة في سيف الدولة رحمه الله :

أفادت بك الأيام فرط تجارب كأنك في فرق الزمان مشيب فكل بعيد ترق (1) الحين نحوه سلاهبك الجرد الجياد قريب تباشر أقطار البلاد كأنها رياح لها في الخافقين هبوب وتملا ما بين الفضاءين عثيرا مثارا بوجه الشمس منه شحوب وما بدرك العلياء إلا مهذب يصاب على مقداره ويصيب

..

( ۱ ) فى اليتيمة ( ١ : ٢٠٣ ) قرب

ولا تصطف الأخوان قبل اختبارهم فما كل خل تصطفيه نجيب حدثنى القاضى أبو بكر محمد بن عبد الرحمن قال : حدثنى وكيل كان لأبي المنذر النعمان بن عبد الله قال : كان من عادة النعمان إذا كان في انسلاخ كل شتوة أن يعمد إلى جميع ما استعمله من خز وصوف وفرش وكوانين وآلة الشتاء فيبيعه في النداء ثم ينفذ الى حبس القاضي فينظر من حبس باقراره دون قيام البينة عليه ولا حال له فيؤدى ما عليه من ثمن تلك الآلات أو يصالح عنه ويخرجه إن كان المال ثقيلا ثم يعمد إلى من يبيع بيعا يسيرا مثل نقلى ورهدارى ومن رأس ماله دينار وديناران وثلاثة فيعطيه من عشرة دنانير إلى مائة درهم وأقل وأكثر ليزيد في رأس ماله ويعمد إلى من يبيع فى الأسواق مثل طنجير وقدر وقميص خلق وما يغلب على الظن أن مثله لا يباع إلا من ضر شديد وإلى امرأة تبيع غزلها عجوز فيعطيهم أضعاف تمنه ويدعه عليهم ويعمل ألوانا من هذا الجنس كثيرة يأمرنى بفعلها وصرف تمن تلك الآلات إليها فاذا جاء الصيف (1) عمد إلى ما عنده من دبيقى وقصب وحصير ومزملات وآلة الصيف فيفعل به مثل ذلك فاذا جاء الشتاء والصيف ثانية استجد جميع ما يحتاج إليه فلما كثر ذلك على من فعله قلت له : ياسيدى إنك هو ذا تعقر نفسك من حيث ينفع عمل لأنك تشترى هذه الثياب والآلات والفرش في وقت الحاجة إليها بضعف قيمتها وتبيعها وقت استغناء كافة الناس عنها فيشترى منك بنصف قيمتها فيخرج منك في ذلك مال عظيم فان أذنت لى ناديت

لا

[blocks in formation]

على كل ما يباع فاذا استقرت العطية وأخذت الدراهم أخذته لك بزيادة وعزلته إلى الصيف أو الشتاء ودفعت مثل ثمنه من مالك إلى هذه الوجوه . فقال لى : ما أحب هذا تلك الآلات قد متعني الله بها طول شتائى او صيفى وبلغنى وقت الغناء عنها وما أنا على ثقة من أني أعيش إلى وقت الحاجة إليها ثانياً ولعلى قد عصيت الله عليها وفيها فأنا أحب بيع أعيانها أ وصرف التمن بعينه فى هذه الوجوه وشكر الله على تبليغى وقت الاستغناء عنها وكفارة لما عصيته فيها ثم أحياني الله إلى وقت الحاجة إليها فليس ذلك بغال ولا يتعذر شرى مثله واستجداد خلفه والتمتع بالجديد وفى بيعى إياه رخيصاً وشرائى له غالياً فائدة أخرى وهى أن تنتفع الضعفاء من التجار الذين أبتاع ذلك منهم وأبيعه عليهم بما فيه من الأرباح على ولا يؤثر في حالى. أخبرنى القاضي قال : أخبرنى هذا الوكيل أن النعمان كان يعجبه إذا قدم إليه لون من طيب أو حلو عجيب أن لا يمعن في أكله ويأمر بدفعه يعينه إلى السؤال وكان رسمه أن يفرق في كل يوم جميع ما يشال من مائدته ويفضل في مطبخه من وظائف غلمانه فكان يجتمع على بابه كل يوم منهم جمع عظيم . قال : فأكل يوماً عنده صديق له هاشمى فقدم إليه لون طيب فما استتموه حتى أمر به للسؤال فشيل وقدم جدى سمين فمـا تهنؤوا بأكله حتى أمر به فرفع إلى السؤال وقدم جام لوزينج معمول بالفستق وكان يعجب النعمان ويلزمه على الجامة خمسون درهما وخمسة دنانير وأقل وأكثر على قدر كبر الجام فما أكلوا منه إلا يسير حتى قال :

(۱) لعله سقط : ان

ادفعوه إلى السؤال . فقبض الهاشمي على الجام وقال : ياهذا احسب أننا نحن السؤال ودعنا تهنأ بأكلنا لم تدفع كل ما تشتهيه للسؤال وما للسؤال وهذا ؟ لهم فى لحم البقر وعصيدة التمر كفاية والله لا أشلته . فقال : يا سيدي إن عادتي ما تراه . قال : بئست المادة لا نصبر لك عليها تقدم أن يعمل للسؤال إذا كان لا بد من ذلك مثل هذا ودعنا نحن نتمتع بأكله وادفع إليهم مثل ثمنه . فقال : أفعل مستأنفا وأتقدم بأن يصنع لهم مثله فأما ثمنه فان السائل لا تسمو نفسه ولا يتسع صدره لعمل مثل هذا ولو دفع إليه أضعاف ثمنه مراراً لأنه إذا حصلت عنده الدراهم صرفها إلى غير هذا وأمره المختل الذى هو إلى إصلاحه أحوج ولا يحسن أيضا عمل مثل هذا وأنا أحب أن يشاركونى فى الالتذاذ بما آكل ياغلام تقدم الساعة بعمل جامة مثل هذه وتفريقها على السؤال . ففعل ذلك وكان بعد هذا إذا حضر من يحتشمه أمر بعمل مثل ما يقدم إليه والصدقة به ولم يأمر برفع ذلك من حضرته إلا إذا بشمه الحاضرون

[ocr errors]

حدثني أبو الحسن بن عياش قال : كان يألف أبا القاسم بن الحوارى رجل من أهل عذراء يخطب بأهلها وكان ماجنا خفيف الروح مليح الحديث والكلام طيب النشوار والأدب يكنى بأبي عصمة وكان يؤا كله دائما ويختصه وينفق عليه وكان أبو القاسم شديد البر بأمه وكان يتبعض لها بالماء فضلا عما سواه ولا يتهنأ بأكل شئ إلا ما أكلت منه وكان إذا استطاب لونا أن ينفذ من مائدته إلها فأكل عنده أبو عصمة هذا أول يوم وهو لا يعرف رسمه فقدم غير لون طيب

ء

فما شبع منه أبو عصمة حتى أمر به أبو القاسم فرفع إلى والدته وقدمت مضيرة بفراخ مسمنة ودجاج هندية ودهن الجوز والخردل فما أكلوا منها حسبا حتى أمر ابن الحواري برفعها إلى والدته فأخذ أبو عصمة رغيفا وقام يمشى مع الغضارة فقال له ابن الحوارى : إلى أين يا ابن عصمة ؟ قال : إلى الوالدة ياسيدى آكل معها هذه المضيرة فان هذه المائدة خراب والخصب عندها . فضحك ابن الحوارى ورد اللون إليه . قال : وكان أبو عصمة هذا لي صديقا ولى آنسا فقال لى يوما : إن أهل عذراء سفل وأنا مبتلى بهم بالخطبة فاذا أنا صعدت المنبر أومأت إليهم بيدى إيماء السلام فيؤذن المؤذن ويحسبون أنى قد سلمت عليهم وإنما أقول: لحاكم كلكم في استى . حدثنا أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي الكاتب

قال : حدثني ابن سليمان الثلاج قال : قال لى أبى : كان أصل نعمتى من تمن خمسة أرطال ثلجا وذلك أنه عن الثلج في بعض السنين ببغداد وقل وكان عندى منه شئ بعته وبقى منه خمسة أرطال فاعتلت شاجى جارية عبيد الله بن طاهر وهو إذ ذاك أمير بغداد فطلبت منه ثلجا فلم يوجد إلا عندى فجاؤونى فقلت : ما عندى إلا رطل واحد ولا أبيعه إلا بخمسة آلاف درهم وكنت قد عرفت الصورة فلم يجسر الوكيل على شرى ذلك ورجع يستأذن عبيد الله بمن له زوجه ) وهى تتضور على الثلج وتلح في طلبه فشتمه عبيد الله وقال : امض واشتره بأي ثمن كان ولا تراجعنى فجاءني فقال : خذ خمسة آلاف درهم وهات الرطل . فقلت : لا أبيعك

(۱) لعله بمنزل زوجه

« PreviousContinue »