Page images
PDF
EPUB

يستدعى منى الرقاع على الرسم . فقلت : ما أخذت رقعة من أحد لان النذر قد وقع الوفاء به ولم أركيف أقع من الوزير . فقال : سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئاً قد صار لك عادة وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه فيظن ذلك لضعف جاهك عندى أو تغير رتبتك ؟ اعرض على على رسمك وخذ بلا حساب . فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع وكنت أعرض عليه كل يوم شيئاً إلى أن مات .

(۳)

(۲)

حدثني أبو الحسن بن عياش قال حدثنى شيخ من شيوخنا ذكره هو وقد ذهب () عنى اسم القاص (1) قال : حدثني أبو عبد الله بن أبي عوف قال : استتر عندى عبيد الله بن سليمان فدخلت إليه يوما إلى حجرة كنت افردتها له من دارى فقام إلى فقلت له ممازحاً كما جرى على لسانى ياسيدى اخبأ لى هذا إلى وقت أنتفع به فيه . قال : فلما كان بعد مدة انتقل من عندى فما مضت الا أيام حتى ولى الوزارة فقال لى أهلى : لو قصدته. وكانت حالى إذ ذاك صغيرة فقلت لهم : لا أفعل أنا في ستر وقصدى له الآن كأنه اقتضاء لتمن معروف أسديته إليه وما أرضى لنفسي بهذا ولو كان لي عنده خير لا بتدأنى . فبت ليلتى تلك مفكرا وكان هذا يوم الخلع فما كان في السحر جاء في فرانقه برقعة بخطه يعاتبنى على تأخرى عنه ويستدعينى جالس والخلق عنده فلما صرت مع دسته قام إلي

فصرت إليه فاذا هو

(۱) فى الاصل : ذهل ( وهو تحريف من الناسخ ) (۲) في الاصل : القاضى

( وهو تحريف من الناسخ ) (۳) في الاصل : مضت الايام

قياماً تاماً وعانقني وقال لي في أذني : هذا وقت تنتفع فيه بقيامى لك. وجلس وأجلسنى معه على طرف الدست فقبلت يده وهنأنه ودعوت له ومضت ساعة فاذا قد استدعاه المعتضد فقام وأمرنى ألا أبرح فجلست وامتدت العيون إلي وخوطبت في الوقت بأجل خطاب وعظمت. ثم عاد عبيد الله ضاحكا و أخذ بيدى إلى دار الخلوة فقال : ويحك إن الخليفة استدعانى بسببك وذلك أنه كوتب بخبر قيامى لك فى مجلس الوزارة فأنما استدعانى الآن بذا لينكر علي وقال : تبتذل مجلس الوزارة بالقيام لتاجر ولو كان هذا لصاحب طرف كان محظوراً أو ولى عهد كان كثيراً وأخد يتجاوز ذلك فقلت : يا أمير المؤمنين لم يذهب عنى حق المجلس وتوفية الرتبة حقها ولكن لى عذراً فأن رأى أمير المؤمنين أن يسمعه ثم ينفذ حكمه في . وأخبرته بخبرى معك وقت استتارى عندك فقال : أما الآن فقد عذرتك ولا تعاود فانصرفت. ثم قال لى عبيد الله : يا أبا عبد الله إلى قد شهرتك شهرة إن لم تكن معك مائة ألف دينار معدة للنكبة هلكت . فيجب أن نحصلها لك لهذا الحال فقط ثم نحصل لك نعمة بعدها تسمك وعقبك . فقلت : أنا عبد الوزير وخادمه ومؤمله . فقال : هاتم فلانا الكاتب . فجاء فقال : احضر التجار الساعة و نقص عليهم في تسعير مائة ألف كر من غلات السلطان بالسواد بما يساوى وعرفنى . خرج وعاد بعد ساعة وقال : قد قررت ذلك معهم . فقال له : بع على أبى عبد الله هذه المائة ألف كر بنقصان دينار واحد مما قررت به السعر مع التجار وبعه له عليهم بالسعر المقرر عليه وطالبهم أن يجعلوا له فضل ما بين السعرين اليوم وأخرهم بالتمن إلى أن يتساءوا الغلات

واكتب إلى النواحى بتقييضهم إياها . قال : ففعل ذلك فقمت عن المجلس وقد وصل إلي مائة ألف دينار في بعض يوم وما عملت شيئاً . ثم قال : اجعل هذه أصلاً لنعمتك ومعدة للنكبة ولا يسألنك أحد من الخلق إلا أخذت رقعته ووافقته على أجرة لك عليها وخاطبني . قال فكنت أعرض عليه في كل يوم ما يصل إلي فيه ألوف دنانير وأتوسط الأمور الكبار وأداخل فى المكاسب الجليلة حتى بلغت النعمة إلى هذا الحد وكنت ربما عرضت عليه رقعة فيقول لى : كم ضمن لك على هذه ؟ فأقول كذا وكذا. فيقول : هذا غلط هذا يساوى كذا وكذا . ارجع فاستزد . فأقول له : إنى أستحي . فيقول : عرفهم أنى لا اقضى لك ذلك إلا بهذا القدر وأنى رسمت لك هذا . قال : فأرجع فأستزيد ما يقوله فأزاد .

حدثني أبى رضى الله عنه قال : سمعت القاضي أبا عمر يقول : عرض اسمعيل القاضى وأنا معه على عبيد الله بن سليمان رقاعاً في حوائج الناس فوقع فيها فعرض أخرى وخشى أن يكون قد ثقل عليه فقال له : إن جاز أن يتطول الوزير أعزه الله بهذا . فوقع له . فعرض أخرى وقال : إن امكن الوزير أن يجيب إلى هذا . فوقع له . فعرض أخرى وقال : إن سهل على الوزير أن يفعل ذلك . فوقع له . فعرض أخرى وقال شيئاً من هذا الجنس فقال له عبيد الله : يا أبا إسحق كم تقول إن أمكن وإن جاز وإن سهل ؟ من قال لك إنه يجلس هذا المجلس ثم يتعذر عليه فعل شيء على وجه الارض من الامور فقد كذبك هات رقاعك كلها في موضع واحد . قال : فأخرجها اسمعيل من كمه وطرحها بحضرته فوقع فيها وكانت مع

ما وقع فيه قبل الكلام نحو ثمانين رقعة .

حدثني الحسين بن الحسن الواثق قال . كنت أرى دائما أبا محمد جعفر بن ورقاء يعرض على أبى على بن مقلة في وزارته الرقاع الكثيرة في الناس في مجالس حفلته وخلوته فربما تجاوز ما يعرضه في يوم مائة رقعة . فعرض عليه يوماً في مجلس خال شيئاً كثيراً فضجر ابو على فقال له: إلى كم يا أبا محمد ؟ فغضب جعفر وقال : أيد الله الوزير إن كان لي فيها شي فخرقه إنما أنت الدنيا ونحن طرق إليك وعلى بابك الارملة والضعيف وابن السبيل والفقير ومن لا يصل إليك فاذا سألوا سألناك فان صعب هذا عليك أمرنا الوزير أيده الله أن لا نعرض شيئاً عليه ونعرف الناس

نقل حوائجهم عليه وضعف جاهنا عنده ليعذرونا . فقال له أبو على أذهب حيث ذهبت يا أبا محمد وإنما أردت أن تكون هذه الرقاع الكثيرة فى مجلسين أو مجلس حفل فيه الكتاب يوقعون عنى بالتوقيعات فيها ولو كانت حوائج تخصك لقضيتها وكان سرورى بذلك أعظم هاتها . قال فأخذ جميعها ووقع له فيها بما التمس أرباب الرقاع فشكره جعفر وقبل

يده وانصرف .

حدثنى الفضل بن أحمد الحياني قال . قال لي أبو بكر الشافعي صاحب على بن عيسى . لما أفلتنا من مصادرة المحسن بن الفرات بعد ما جرى على وأفضى

من مكروهه ومصادرته وايقاعه بى بسبب صحبتى اعلى بن عيسى الامر إلى أبي الحسن على بن عيسى أردت الانتفاع بأموراً أتكلم فيها وأخلف بما آخذه منها بعض ما صودرت عليه . فأخذت رقاعاً كثيرة

[merged small][ocr errors]

للناس وكنت أعرضها على أبى الحسن فيوقع فيها فعرضت عليه. يو يوما شيئًا كثيراً فضجر علي فقلت : أيها الوزير إذا كان حظنا من اعدائك في أيام

نكبتك الصفع ومنك فى أيام ولا يتك المنع فمتى ليت شعرى وقت النفع

[ocr errors]

قال : فضحك ووقع لى فى جميعها وما( كان) يضجر بشيء أعرضه عليه بعد ذلك.

(1)

ء

حدثني أبو السرى عمر بن محمد القارئ قال : حدثني أبو القاسم

؟

عيسى بن على بن عيسى قال : قال لى أبي : عرض علي أبو بكر محمد بن الحسن ابن عبد العزيز الهاشمى فى بعض وزاراتى رقعة التمس فيها محالاً وقبل يدى فعملت على إجابته إليه وتركت الرقعة بحضرتى انفكر كيف اعمل ذلك من غير عتب . وعرض لى رأى فى الركوب فنهضت فقبض محمد بن الحسن ابن على يدى وقال : أنا نفي من العباس إن تركت الوزير (1) أو يوقع لى

(۲)

في رقعتى أو يقبل يدى كما قبلت يده . قال : فوقعت له قائما وعجبت من سوء أدبه وعظم وقاحته . ولقد شاهدت أبا بكر محمد بن الحسن هذا في

(۴)

سنة خمسين وثلمائه ( وقد تقلبت الأيام به وبأهل بيته ) بحضرة أبي محمد المهلبي وقد كان العيارون ناروا ببغداد وأوقعوا فتناً عظيمة كان أصلها بنو هاشم وغلقوا الجامع بالمدينة فلم يصل تلك الجمعة. وكان سبب ذلك عربدة وقعت بين رجل عباسي وبين رجل علوي على نبيذ في خندق طاهر فقتل العلوى ونار أهله به وثارت الفتنة ودخلت العامة فيها وعظم الأمر حتى أجلس الديلم في الأرباع وكان شيئاً هائلاً ولم تسكن الفتنة. فقبض أبو محمد على أكثر بني العباس الوجوه والمستورين والعيارين منهم والدعار حتى (۱) وزراء ص ۳۳۱ (۲) عند هلال يركب الا بعد ان يوقع (۳) فى الاصل: على

« PreviousContinue »