Page images
PDF
EPUB

هذا اراد الرجوع من داره الى مسماران وكان ابو محمد المهلبي رحمه الله قد نزلها استقبح الاجتياز بالجامع مع انه شارب فعدل في الازقة الى سيحان (١) ليركب منها طياره فلما بلغ حيث تعمل الكيزان تحقنه بوله فدخل دار قوم ضعفاء فبال فدعا له صاحب الدار فقال له: هذه الدار لك؟ قال : لا هى باجرة معى . قال كم اجرتها ؟ قال : خمسة في الشهر. قال : وكم تساوى ؟ قال : خمسمائة درهم . قال : وكم راس مالك في عمل الكيزان ؛ . : قال مائة درهم . فدفع اليه في الحال الف درهم وقال : اشتر منها الدار وزد الباقى فى راس مالك . وركب وكان رحمه الله من بقايا الكرام . ولقد شاهدت له مجلساً في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وثلثمائة كأنه من مجالس البرامكة ما شهدت مثله قط قبله ولا بعده وذلك ان كاتبه على ديوان السواد ابا الحسين عبد العزيز بن إبراهيم المعروف بابن حاجب النعمان سقط من روشن فى دار ابي محمد على دجلة فمات في اليوم الثامن من السقطة فجزع عليه ابو محمد وجاء من غد الى اولاده لانهم كانوا دفنوه عشياً وكنت معه فعزاهم بأعذب لسان واحسن بيان ووعدهم الإحسان وقال : انا ابوكم وما فقدتم من ماضيكم غير شخصه . قال لابنه الأكبر ابي عبد الله : قد وليتك موضع ابيك ورددت اليك عمله ووليت اخاك ابا الحسين ( وكان هذا صبياً سنه عشر سنين او نحوها ) واجريت

(')

عليه كذا وكذا ( رزقاً كبيراً وقد ذهب عنى ) فليلزمه ) فان سنيهما متقاربة

ليتعلم بتعلمه وينشؤ بنشوه فيجب حقه عليه ثم قال لأبي العلاء صاعد (۱) إسم نهر بالبصرة (۲) الجملة مضطربة

من

[blocks in formation]

=

ء

ثابت خليفته على الوزارة : اكتب عهداً لأبي عبد الله واستدع كل من كان ابو الحسن رحمه الله مستأجراً منه شيئاً فخاطبه فى تجديد الاجارة لمورثة فإن اكثر نعمه إما كانت دخالات و اجارات ومزارعات قد انحلت الآن بموته ومن امتنع فزده من مالى واسأله ولا تقنع إلا بتجديد العقد كيف جرت الحال . ثم قال لأبي المكارم بن ورقاء وكان سلف الميت : إن ذيل ابى الحسن طويل وقد كنت اعلم انه يجرى على اخوا و اولادهن واقاربه شيئاً كثيراً في كل شهر وهؤلاء الآن يهلكون بموته ولا حصة لهم فى ارثه فقم الى ابنة ابى محمد المادراثى يعنى زوجة المتوفى فمزها عنى واكتب منها بجريدة بأسماء جميع النساء اللواتي كان ابوالحسن يجرى عليهن وغيرهن من الرجال وضعفاء حاشيته . وقال لأبى العلاء : اذا جاءك بالجريدة فأطلقها عاجلا الشهر وتقدم بإطلاقها على الادرار . فبلغت الجريدة ثلاثة آلاف وكسراً فى الشهر وعملت في المجلس وأطلق مثلها وامتثل جميع مارسم به ابو محمد فلم يبق احد إلا بكي رقة واستحسانًا لذلك ولقد رايت ابا عبد الله محمد بن الحسن الداعى العلوى رحمه الله ذلك اليوم وكان حاضراً للمجلس وقد اجهش بالبكاء واسرف في شكر ابي وتقريظه على قلة كلامه إلا فيما يعنيه وعلى سوء رايه كان في ابي محمد ولكن الفضل الحسن بهره فلم يمنعه ما بينهما ان نطق بالحق وقلت انا لابی محمد ذلك اليوم : لو كان الموت يستطاب في وقت من الأوقات لطاب لكل ذى ذيل طويل في ايام سيدنا الوزير فان هذا الفعل تاريخ (۱) لعله « انما »

محمد

الكرم وبه يتحقق ما يروى عن الاسلاف من الاجواد والماضين من الكرماء الأفراد وغير ذلك مما حضر في الحال . ثم نهض أبو محمد رحمه

الله فارتفعت الضجة من النساء والرجال وأهل الدار والشارع بالدعاء له

ء

والشكر حدثني أبو محمد يحي بن محمد بن سليمان بن فهد الأزدى الموصلى أن أبا عبد الله والده رحمه الله توسط بين أبي محمد المهلي وناصر الدولة في مال يحمله إلى معز الدولة من صلح الموصل. فأنفق من المال أربعين ألف درهم لاضافة لحقته وسبب عليه المهلى بالمال كاملا وهو لا يعرف الخبر وكانت بينهما مودة وأنس . فصحح أبو عبد الله الموجود ودافع بما أنفقه وجلس يوماً في داره ليحتال العوض ويرده . فجاءته رقعة أبي محمد يدعوه للشرب فدافع فعاوده فركب فأكلا وجلسا للشراب فقال له أبو على الأنباري : أرى فيك ياسيدى أبا عبد الله فتورا . وكانت بينهما مودة وعنده ابنته فحدته أبو عبد الله بالحديث وأن قلبه مشغول إلى أن يتم له العوض ويرده أ ويسأله كتمان ذلك . وتبين المهلي في أبي عبد الله ذلك الفتور فسأله عنــه فورى عن الصدق وكبرت نفسه عن إخباره بذلك . فأمسك عنه وقام أبو عبد الله إلى البول فقال أبو محمد لأبى على الانباري : ما ترى فتور أبي عبد الله وهو صديقك وقد رأيته يسارك وأظنه قد خرج إليك بسبب كسله فما هو ؟ فحدته أبو على بالحديث فلما عاد قال له أبو محمد : يا أبا عبد الله أيدك الله ما أنصفتنى فى المودة ولا أنصفت نفسك في السياسة تهتم بسبب أربعين ألف درهم أملك إسقاطها عنك فتكاتمنى بذلك حتى كأنها

[merged small][ocr errors]

(۱)

عليك لغريب أو حق واجب . وأنكر ذلك وأخذ أبو عبد الله يجحد ويقطب في وجه أبى على ثم أخرج سره فقال المهلبي لأبى على يجب الساعة أن تتقدم إلى الجهبذ أن يكتب له أيده الله روزا بها وأن تجعل أنت لها وجوها فى الخرج وتولد بها نفقات واجبات ( كما تعلم) على الامير معز الدولة ليسقط عن أبي عبد الله أيده الله ولا نغرمها نحن . قال فاستدعى الجهبذ وأخذ روزه وسلمه إليه ثم قال له المهلي : أى شئ ضرك أو ضرني من هذا ؟ سقط عنك هم ونقل، وعنى بقضائى بعض الحق وخرج المال من مال الأمير عد الآن إلى شربنا . فما برح ليلته تلك من عنده وسقط المال عنه . وقد أخبرني جماعة من ندماء أبي محمد أنه فرق في ليلة من الليالي عليهم وعلى جماعة كانوا حضورا معهم من مغنيين وملهيين وغير ذلك من الدراهم والثياب ما يبلغ قيمة الجميع خمسة آلاف دينار . ورأيته أنا غير مرة قد وهب

(۲)

(^),

للجهنى وأبى الفرج الأصفهاني خمسة آلاف دينار ) ولغيرهما دائما "

(٤)

حدثنى أبو الحسن بن عياش قال : حدثني أبو إسحق إبراهيم بن السرى الزجاج قال : كنت أؤدب القاسم بن عبيد الله فأقول له إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي ؟ فيقول ما أحيت ؟ فأقول له تعطينى عشرين ألف دينار (وكانت غاية أمنيتي) . فيقول نعم . فما مضت إلا سنون حتى ولى القاسم الوزارة وأنا على ملازمتى له وقد صرت نديمه فدعتنى نفسى إلى إذكاره بالوعد ثم هبته فلما كان في اليوم الثالث من

(۱) في الاصل : بحق (۲) في الحاشية «درهم» (۳) كذا بالاصل

(٤) نقل ياقوت هذه الحكاية في الادباء ١ : ٤٨

معجم

وزارته قال لى : يا أبا إسحق لم أرك أذكرتني بالنذر . فقلت : عولت على رعاية الوزير أيده الله وأنه لا يحتاج إلى إذكار لنذر عليه في أمر خادم واجب الحق . فقال لى : إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد ولكني أخاف أن يصير لي معه حديثاً فاسمح لى بأخذه

(1)

متفرقاً . فقلت : ياسيدي افعل . فقال اجلس للناس وخذ رقاعهم للحوائج الكبار واستجعل عليها ولا تمنع ) من مسألتي شيئاً تخاطب فيه صحيحا كان أو محالا إلى أن يحصل لك مال النذر . قال : ففعلت ذلك وكنت اعرض عليه كل يوم رقاعاً فيوقع فيها لى وربما قال : كم ضمن لك على هذا فأقول كذا وكذا . فيقول : غبنت هذا يساوى كذا وكذا ارجع فاستزد . فأراجع القوم ولا أزال أما كسهم ويزيدونى حتى أبلغ الحد الذي رسمه . قال : وعرضت عليه شيئاً عظيما فحصلت عندى عشرون ألف دينار في مديدة فقال لي بعد شهور : يا أبا إسحق حصل مال النذر ؟ فقلت لا . فسلت وكنت أعرض فيسألنى فى كل شهر أو نحوه هل حصل المال ؟ فأقول لا خوفاً من انقطاع الكسب إلى أن حصل عندى ضعف ذلك المال وسألنى يوماً فاستحييت من الكذب المتصل فقلت : قد حصل ذلك ببركة الوزير . فقال فرجت والله عنى فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك . قال : ثم أخذ الدواة فوقع لى إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئاً ولم أدركيف أقع منه فلما كان من غد جئته وجلست على رسمى فأومأ إلى أن : هات ما معك

( ١ ) لعله تمتنع كما هو عند الصفدى

« PreviousContinue »