Page images
PDF
EPUB

- ٣٤

الترتيب واستراب بالخطاب أيضاً فوصل الرجل بصلة يسيرة وأمر له بجزاية وقال تأخذها إلى أن انظر فى امرك وانفذ الكتب في خاص كتبه إلى ابن الفرات وشرح له الصورة وكان فيها أن للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة . قال : فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات وأصحابه بين يديه فعرفهم الصورة وعجبهم منها و قال : ما الرأى فى أمر الرجل ؟ فقال بعضهم : تقطع يده لتزويره على الوزير . وقال بعضهم : يقطع إبهامه . وقال بعضهم : يضرب ويحبس . وقال بعضهم : يكشف لالى زنبور أمره ويتقدم إليه بطرده ويقتصر على الحرمان مع بعد الشقة. فقال ابن الفرات أبعد طباعكم من الجميل وأنفرها من الحرية رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر وأمل بجاهنا الغنى ولعله كان لا يصل إلينا ولا حرمة له بنا فيأخذ كتبنا يخفف عنا بأن كتب لنفسه ما قدر أن به صلاحه ورحل ملتمساً للرزق وجعلنا سببه يكون أحسن أحواله عند أجملكم محضراً الخيبة تم ضرب يده إلى الدواة وقلب الكتاب المزور ووقع عليه بخطه هذا كتابى ولا أعلم لأي سبب انكرته ولا كيف استربته حتى كأنك عارف بجميع من خدمنا في النكبة وأوقات الاستتار وقديم الأيام قد أحطت علما بجميعهم فأنكرت أما فلان هذا أعزه الله هي أوكد مما

من بيهم حرمته

ء

في هذا الكتاب وسببه عندى أقوى مما تظن فأجزل عطيته وتابع بره ووفر حظه من التصرف فيما يصلح له وافعل به واصنع واصدر الكتاب فى الحال . فلما كان بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة حسن الزى والغلمان فأقبل يدعو له ويبكي ويقبل الأرض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه

وتقول يابارك الله عليك ) وكانت هذه كلمته ) مالك ؟ فقال أنا صاحب الكتاب المزور إلى ألى زنبور الذي حققه تفضل الوزير فعل الله به وصنع . قال : فضحك ابن الفرات وقال : فيكم وصلك ؟ قال : وصل إلى من ماله وبتقسيط قسطه إلى وبتصرف صرفى فيه عشرون ألف دينار . قال ابن الفرات الحمد لله ألزمنا فأنا ننفعك بأضعافها . قال : فلزمه وفاتشه فوجده كاتباً فاستخدمه وكسبه مالاً عظيماً صار ذلك سبباً لحرمة الرجل به حدثني أبو أحمد بن أبي الورد قال : حدثني أبي وكان خصيصاً بأبي القاضي أن رجلاً زور عنه رقعة إلى أبي القاسم بن الحواري يسأله تصريفه وكانت بينهما مودة وصار الرجل بالرقمة الى أبي القاسم فأخذت منه وحجب مجلس يتوقع الجواب فاتفق أن جاء القاضي أبو عمر وأنا معه ليسلم

على ابن الحواري ودخلنا فوجد القاضي الرقعة بحضرته مشبهة بخطه فوج لذلك وتشوق المعرفة الخبر وكان فيه من الوقار والزماتة والفضل المشهور الذي ضرب به المثل ما لم بين لان الحواري معه ذلك عليه وفطنت أنا لدربتي بأخلاقه وكانت لابن الحواري التفاتة فرأى الرقعة في يده فقال : أيها القاضي الساعة وصلت وأنا أفعل ما التمسته في معنى الرجل . فشكره أبو عمر وخاطبه ما أوهمه فيه أنها رقعته من غير ان يطلق ذلك وكان افعل الناس لهذا واقدرهم على ان يتكلم دائباً في الأمور بما يحتمل معنيين ويحتاج الى تفسير المقصد توقياً منه ودهاء . وقال أبو عمر : فليطلب الرجل إن كان حاضراً ويدخل . فطلبوه وأدخلوه وقد امتقع لونه فقال له ابن الحوارى : أنت الموصل لرقعة القاضي أعزه الله ؟ فقال نعم . فقال له أبو عمر : إنه

أعزه الله قد وعد تصريفك والاحسان اليك فالزمه . قال : وتحدثا ساعة ونهض أبو عمر وقال سراً : جثنى به . فتأخرت وآنسته وحملته اليه فدخلت عليه به وهو جالس ينتظرنا وحده فقال له : ويلك أتزوّر على خطى وأنا حاكم وخطى ينفذ فى الاموال والفروج والدماء ما كان يؤمنك ان اعرف ابا القاسم امرك فيصير نكالا ؛ فبكى الرجل وقال : والله ايها القاضى ما حملني على ذلك إلا عدم القوت وشدة الفقر وإني وثقت بكرمك متى بلغك ذلك إذ كان غير متصل بحكم ولا شهادة وقدرت ايضا انه يتستر عليك وانتفع انا من حيث لا يضرك . فقال له ابو عمر : بالله إن الفقر حملك على هذا ؟ فقال : إي والله . فبكى ابو عمر وسار خادماً له فــاب الخادم قليلا ثم جاء بصرة فيها مائة دينار ومنديل فيه دست تياب فسلمه الى الرجل فقال له ابو عمر : اتسع بهذا والبس هذا والزم ابا القاسم فانى اؤكد عليه امرك واحلف لى الا تزوّر على خطى ابدا . فخلف الرجل له على ذلك وانصرف . فلما كان بعد شهور جاءنا مسلما على ابى عمر بمركوب حسن وثياب فاخرة فأخذ يشكر ابا عمر ويدعو له وهو لا يعرفه وقد ذكرته انا فقال ابو عمر : يا هذا على اى شىء تشكر ؟ فقال : انا صاحب الرقعة الى ابى القاسم بن الحوارى الذى وصلنى القاضي بماله واحياني بجاهه وقد صرفنى ابو القاسم طول هذه المدة فبلغت حالى الى هذا وانا ادعو الله للقاضي ابداً . فقال ابو عمر : : الحمد لله على حسن التوفيق . حدثني ابو الحسين بن عياش القاضي قال : رايت صديقاً لى على بعض زواريق الجسر ببغداد جالساً في يوم ريح شديد وهو يكتب فقلت :

ويحك فى مثل هذا الموضع ومثل هذا الوقت ؛ فقال أريد ازوّر على رجل مرتعش ويدى لا تساعدنى فتعمدت الجلوس ها هنا لتحرك الزورق

بالموج فى هذه الريح فيجيء خطى مرتعشا فيشبه خطه .

حدثني ابو الحسين قال : حضرت ابا على بن مقلة وقد عرضت عليه وهو وزير عدة تسبيبات وتوقيعات قد زورها عليه اخوه ابو عبد الله وارتفق عليها وكان ابو عبد الله حاضراً فاستقبح ان يفضحه فيها ولا كثرت عليه التفت اليه فقال : يا ابا عبد الله قد خففت عنا حتى نقلت وخشينا ان نثقل عليك فأحب ان تخفف عن نفسك هذا التعب . قال : فضحك ابو عبد الله وقال : السمع والطاعة للوزير .

حدثني القاضى ابو الحسن على بن محمد بن احمد بن إسحق بن بهلول التنوخي قال : استتر في دورنا عند ... ابو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات المعروف بابن حنزابة وكنت حدثا وكان يستدعينى دائما ونتحدث والعب معه الشطرنج فقال لى يوماً وقد جرى حديث ( نقصان ) دخل المقتدر عن خرجه نظرت فاذا دخل المملكة كذا وكذا وخرجها كذا وكذا وضياع عمي ابي الحسن وما قبض معها من ضياعنا كان في وقت قبضها كذا وكذا وهو اليوم ثلث ذلك ولو مكنت من ضياعنا وحدها لعمرتها فعاد ارتفاعها الى ما كان عليه فوفر ما بين الارتفاعين يعجز الدنيا كلها وانما املاكنا

شقص يسير من الارض فكيف لو كان للدنيا من بهتم بعمارتها كلها : قال القاضى ابو الحسن : وما سمعت اعظم من هذا وذلك قبل تقلد أبي الفتح الوزارة وكان ابو الحسن يحفظ مبلغ المال واخبرنى به فذهب عنى .

[blocks in formation]

حدثني ابي رضى الله عنه قال: بلغنى ان ابا الحسن بن الفرات اجتاز

وهو متوسط الحال في بعض الدروب الضيقة راكبا وبين يديه غلامان

ء

فسال عليه ميزاب من دار فصيره آية و نكالا فقال لأحد غلمانه : اطلب لى موضعا ادخله . فدق على قوم بابهم وكان صاحب الدار خياطاً فلما رای شارة ابى الحسن وهيئته اعظمه وملقه وادخله واجلسه واخذ ثيابه فدفعها الى زوجته لتغسلها وجلس يحادثه وبادر الغلام الآخر الى دار ابي الحسن فجاءه بخلعة ثياب قبل ان تفرغ من غسل ذلك القماش فلبسها وامر بترك تلك الثياب على القوم وانصرف وضرب الدهر ضربه وولى الوزارة الأولة فاجتاز يوما راكباً في موكب عظيم فقام الناس ينظرونه وقام الخياط فلما رآه عرفه فقال لأهل سوقه ان لى مع هذا الرجل قصة ظريفة واخبرهم بها فقالوا له : إنه كريم ولو قصدته لانتفعت . فلما كان من غد قصده الخياط فصادف مصيره الى بابه ركوب ابن الفرات فدعا له وقال : لى بالوزير حرمة. فتأمله ابن الفرات فعرفه وذكر قصته فأمر باجلاسه فما

عاد استحضره وسأله عن خبره وخبر زوجته واولاده فأخبره فقال له

:

ايما احب اليك الجائزة او الخدمة لنا ؟ فقال بل خدمة الوزير . فأمر له بألف دينار وان يجعل رئيساً على الخياطين في داره ففعل به ذلك فيما مضت عليه مديدة حتى صار صاحب عشرات الوف . وقد شاهدت انا قريباً من هذا من الوزير الى محمد الحسن بن محمد المهلبي رحمه الله وذلك ان ابا محمد عبد الرحمن بن نصر السكرى البصرى صاحب البريديين ( وتقلد شرطة البصرة دفعات ( دعاه في وزارته فجاء اليه الى داره فى شارع المريد

« PreviousContinue »