Page images
PDF
EPUB
[blocks in formation]

ء

ابو القسم انا رأيت هذه الجامات وقبضتها للمقتدر من هذه التركة. وسمعت ابن الجصاص هذا يقول ( وقد نسي أبو القاسم شيئاً جرى لم يذكره ) فقال أبو محمد : ماهو ؟ فقال سألنا خازن الرجل عن هذه الجامات وسبها فقال لا أعلم من أين وصلت إليه ولكن كان عنده منهم ثمانون جامة فأهدى إلى جماعة من الملوك منها وبقيت هذه البقية فاستطرف أبو محمد المهلى الحكاية واستحسنها . حدثني أبو العباس هبة الله بن محمد بن يوسف بن يحيى بن على بن يحي ابن أبي منصور المنجم قال : حدثنى جدى قال : وقفت امرأة الحامد ابن العباس على الطريق فشكت إليه الفقر وطلبت منه البر ودفعت اليه قصة كانت معها فلما جلس وقع لها بمائتي دينار فأنكر الجهبذ دفع هذا القدر الى مثلها فراجعه فقال حامد : والله ما كان فى نفسى أن أهب لها الا مائتي درهم ولكن الله أجرى لها على يدى مائتي دينار فــلا أرجع في ذلك أعطها . فدفع اليها فلما كان بعد أيام دفع اليه رجل قصة يذكر فيها أن امرأتي وإيلى كنا فقيرين فرفعت امرأتي قصة الى الوزير فوهب لهـا مائتي دينار فاستطالت به على وتريد الآن اعناتي لأطلقها فإن رأى الوزير أن يوقع لى إلى من يكفها عنى فعل . فقال : فضحك حامد ووقع له بمائتي دينار وقال : أعطوه إياها وقولوا له قد صار الآن مالك مثل مالها فهى

لا تطالبك بالطلاق . فقبضها الرجل وانصرف غنياً

(۱)

حدثني (١) أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحق البهلول

(۱) نقل هلال بن المحسن هذه الحكايات الى كتاب الوزراء الذى له ( طبع بيروت ١٩٠٤ ص ٣٢٣ )

ء

الأنبارى التنوخى المعروف والده بأبى بكر الأزرق قال : كان أبو عيسى أخو أبى صخرة جارنا ببغداد وكان عظيم الحال كثير المال تام الجاه شيخاً

قديماً

من شيوخ الكتاب قد تقلد كبار الأعمال وخلف اسمعيل بن بلبل على الوزارة فلما ولى محمد بن عبيد الله الخاقاني قلده ديوان السواد فلما صرف بأبي الحسن على بن عيسى وورد أبو الحسن من اليمين أو الشام لما كان نفى إليه عقيب قصة ابن المعتز وتقلد الوزارة لم يره أهلاً لديوان السواد لأن صنعته لم تكن بالتامة التي تفي بهذا الديوان ولم يمكنه صرفه لمكانة كانت له فى الدار فكان يقصده بالغض في المجالس ولا يرفعه الرفعة التي يستحقها صاحب ديوان السواد وإذا أراد عملاً من الديوان أو خراجاً أو حساباً وقع إلى كتاب الديوان واستدعاهم وخاطبهم وهو حاضر لا يكلمه فى ذلك فيغض منه بهذا الغض الشديد فإذا أراد عملاً يعلم أن صناعة أبى لاتفى به وأنه لا يمكنه الكلام عليه خاطبه فيه على رؤوس الأشهاد ليبين نقصه ويفتضح وإذا أراد مهماً أحضر كتاب الديوان فخاطبهم فيه ليكون ذلك نهاية الغض منه منه . فلما طال ذلك على أبى عيسى جلس عنده يوما حتى لم يبق في مجلسه غيره وغير إبراهيم بن عيسى أخى الوزير فقال له على بن عيسى هل من حاجة ؟ فقال نعم إذا خلا مجلس الوزير . قال فأخبرت عن ابراهم أنه قال : لما سمعت هذا قمت وانصرفت فلما كان من الغد جئت إلى أخى فوجدت أبا عيسى في صدر المجلس حيث يسحتق صاحب الديوان أن يكون يامر وينهى وينبسط ويتكلم والخطاب معه فى الاعمال دون الكتاب وقد صار في السماء فدعتنى نفسى الى مسألة الوزير

عیسی

[ocr errors]

(*)

في ذلك نجلس إلى أن لم يبق في مجلسه غيرى فقال : شي تقوله يابني . فقلت : شئ من الفضول أريد أن أسأل الوزير عنه . فقال : إن كان فضولاً فلا تسل عنه . قال : قلت لابد . فقال : هات . فقلت : استخلاك (أمس) أبو عيسى فأخليته ثم رأيتك اليوم تعامله بضد ما كنت تعمله قبل هذا فما سبب ذلك؟ فقال : نعم إنه خاطبني بخطاب عظم به في عينى وكبربه في نفسى وعلمت صدقه فيه فرجعت له . قال : ( وقد خلا بى ) أيها الوزير أنا رجل شيخ من شيوخ الكتاب عارف بمقدار ما أحسنه من صناعة الكتابة و تقصيرى فيها عن الغاية وليس يخفى على ما يعاملني به الوزير من الغض والهتك والتعريض للفضيحة للصناعة ومخاطبة الكتاب في الديوان إذا أراد مهما ومخاطبتي إذا نزل معضل ويجب أن يعلم الوزير أيده الله أن حالى ومالى وباطنى أكثر مما يقع له ويعرفه من ظاهرى على كثرته . وانى ما أتصرف طلبا للفائدة ولا خوفاً من الفقر وانما أريد الزيادة في الجاه واتصال نفوذ الأمر والنهى وقد عشت طول هذه السنين آمراً ناهياً مستوراً في صناعتى ما تعرض لى أحد من الوزراء ولا تعرضت لهم وسلمت عليهم وسلموا على ومهما عمله الوزير من الغض فليس يمكنه أن يزيل من نفوس الخاصة والعامة أنى خلفت اسمعيل بن بلبل على الوزارة وتقلدت كذا وكذا ) وأخذ يعدد كبار الاعمال التي وليها ) وأن مثل هذا لا يناط بعاجز ولا أن يستخرج من النفوس عظم محلى فيها بسعة الحال وكثرة الضياع والمال ولا يمكنه في طمس محلي أكثر مما قد عمله وأنا بين أمور إما توصلت الى إزالة ذلك عنى بما لعله يثقل على الوزير أو آثرت صفاء

نيته فاستعفيت من العمل ولزمت بيتى فلم أكن فيه خاملاً ولا ساقطاً ثم حصلت حيث اختاره من الكون في جملة أولياء الوزير أو أعدائه فاما أعفاني مما يستعمله معى وردنى إلى العادة التي يستحقها من نصب في مثل منصى أو أعفانى من العمل لألزم بيتي . فقلت له : يا أبا عيسى لن ترى بعد هذا شيئاً تنكره ولن أكون لك إلا على أفضل محبتك فبكر الى ليبين لك مصداق ذلك . فلما جاء فى اليوم عاملته بما رأيته . ويشبه قول على بن عيسى لاخيه ( إن كان فضولا فلا تسل عنه ) ما كان يبلغنا عنه من الزمانة الشديدة والوقار العظيم ومطالبة نفسه باحتشام الخلق و استعمال ذلك مع أهله وولده

حدثني أبو الحسن بن الازرق قال : بلغنى عن بعض أكابر ولده أنه

دخل إليه في آخر عمره وهو مستلق فلما رأى ابنه جلس منتصباً وأخبرنى أبى رحمه الله وأبو الحسن بن عياش أنهما كانا يشاهدان أبا الحسن في آخر الاوقات في المجالس الحافلة عند باب مفتوح وبين الناس مسورة يستند اليها وعلى الباب ستر قد أرخى حتى بلغ الارض وغطى المسورة وصار حجاباً بين الناس وبينها وهو ملتزمه بالستر احتشاماً للناس أن يستند بحضرتهم ومازال الناس على هذا .

حدثني أبو الحسن بن أبي طالب بن أبي جعفر بن البهلول قال : كنت وأنا صبى أجىء وألعب بحضرة جدى فيصيح على . قال : مادخلت اليه قط وهو مكشوف الرأس الا أخذ القلنسوة من خلف مسورته ولبسها وجلس متزمتاً على وسنى اذ ذاك عشر سنين وحواليها إلى أن أنصرف

[blocks in formation]

بأبى

أراه إذا بعدت وقد وضعها . ويشبه فعل أبي الحسن على بن عيسى عيسى أخى ابى صخرة ما أخبرنى به الثقة قال : أخبرني جماعه من الكتاب

ء

أنه بلغه أن المقتدر وقد عمد على صرفه بأبي على بن مقلة وكان يخلفــه إذ ذاك على عدة دواوين فاستدعاه وطالبه بأعمال يعملها له من الدواوين فوعده بإحضارها فلما كان بعد أيام خاطبه بحضرة الناس يريد الغض منه فقال له: طلبت منك أعمالاً فما أحضرتها وأنا أعلم تعذرها عليك فان كان الأمر كذلك فأفصح عن نفسك . فقال ابن مقلة : قد أحضرتها ووضعها بين يديه فأخذ يقرؤها ويعجب مشايخ الكتاب الحضور من خطابه فيها ويواقفه على ضعف صناعته ويفضحه في موضع موضع يخرجه ويقول له في عرض الخطاب هذه حياكة ليست كتابة . ويضرب على عمل عمل ويرسم في اضعافه كيف يجب أن يعمل والكتاب الحاضرون يعجبون من حسن ما يورده أبو الحسن وضعف ما أورده أبو على إلى أن ضرب على جميع الأعمال ثم قال له : قم فاعملها على هذا وحررها وجئني بها . فقام أبو على الحسن بن مقلة فلما ولى عن حضرة أبى الحسن فقال أبو الحسن إن أمراً عجز عنه على بن محمد بن الفرات ونحن فيه مرتبكون يقوم به بشيء عجب . قال فلما كان فى اليوم الرابع أو الخامس من. (۱) هذا الحديث قبض على على بن عيسى وسلم إلى أبى على وقلد الوزارة فاعتمد الغض من أبى الحسن فما قدر على ذلك بأكثر من المكاره والمخاطبة له في وجهه بما يرتفع عنه أرباب المروءات . فمن ذلك أن هذا

[blocks in formation]
« PreviousContinue »