Page images
PDF
EPUB

ء

وأدام الغضة منى إذا دخلت إليه فوسطت بيني وبينه جماعة وبذلت له أشياء توجب صلاح ما بيننا فما نجمت وأقام على قصدى وأنا محتمل طامع في رجوعه فدخلت يوماً داره فسمعت حاجبه يقول ( وقد وليت عنه ) : أى بيت مال يمشى على وجه الارض ألفا ألف دينار تمشى وليس لها من يأخذها . فعلمت أن هذا من كلام صاحبه وأنى منكوب وكان عندى في ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار عينا وجوهـراً سوى غيرهما مما يجرى عليه ملكي فضاقت على الدنيا وسهرت ليلتي بأسرها أفكر في أمرى فوقع إلى الرأى فى الثلث الأخير فركبت في الحال إلى داره فوجدت الأبواب مغلقة فطرقتها فقال البوابون : من هذا ؟ فقلت ابن الجصاص . فقالوا : ليس هذا وقت وصول والوزير نائم . فقلت : عرفوا الحجاب أنى حضرت .لمهم ) . فعرفوهم خرج إلى أحدهم فقال : إنه إلى ساعة ينتبه فيجلس وتنتظر . فقلت : الأمر أهم من ذلك فانبهه وعرفه عني هذا فدخل فأبطأ ساعة ثم خرج فأدخلنى من دار إلى أخرى حتى انهيت إلى مرقده وهو على سرير وحواليه نحو خمسين فراشا لغلمان له كانهم

معه

[ocr errors]

=

حفظة وقد قاموا وبعض الفرش ينقل وهو جالس في فراشه مرتاعا قد ظن أن حادثة حدثت أو أنى جئته برسالة الخليفة وهو متوقع لما أورده فرفعنى وقال : ما الذي جاء بك فى هذا الوقت ؟ فقلت خير ماحدثت حادثة ولا : معى رسالة ولا جئت إلا فى أمر يخص الوزير ويخصنى لم تصلح مفاوضته فيه إلا على خلوة شديدة . فسكن ثم قال لمن حوله : انصرفوا . فمضوا وقال : هات . فقلت : أيها الوزير إنك قد قصدتني أقبح قصد وشرعت

في هلاكى وإزالة نعمتى وفي ازالتها خروج نفسى وليس من النعمة والنفس عوض ولعمرى إلى قد أسأت في خدمتك وقد كان في بعض هذا التقويم بلاغ عندى وقد جهدت فى استصلاحك بكل ما قدرت عليه ووسطت بيني وبينك فلانا وبذلت كذا وقبلت كذا فأبيت إلا (۱)

الاقامة على أذاى وليس شيء أضعف من السنور وإذا عاثت في دكان

سی

بقال فظفر بها ولزها إلى الزاوية ليخنقها وثبت عليه فخدشت وجهه وبدنه و مزقت ثيابه وطلبت الحياة بكل ما يمكنها وقد وجدت نفسى معك في مثل هذه الصورة ولست أضعف بطشاً من السنور وقد جعلت هذا الكلام عذراً بيننا فان نزلت تحت حكمى في الصلح وإلا فعلى وعلى . وحلقت له بأعمان غليظة لأقصدن الخليفة الساعة ولأحولن إليه من خزانتى ألفى ألف دينار عيناً وورقاً ولا أصبح إلا وهي عنده . وأنت تعلم قدرتى عليها وأقول له : خذ هذا المال وسلم ابن الفرات إلى فلان واستوزره وأنظر له أقرب من يقع فى نفسى أنه يجيب إلى تقليده ممن له وجه مقبول ولسان عذب و خط حسن ومخرقة حادة ولا أعتمد إلا بعض كتابك فإنه لا يفرق بينك وبينهم إذا رأى المال حاضراً فيسلمك في الحال لهم ويرانى المتقلد بعين من أخذه وهو صغير فجمله وزيراً وغرم منه هذا المال الكثير ويعتقد أنى ربه وولي نعمته فيخدمني ويتدبر بتدبيرى فى جميع أمره فأسلمك إليه فيفرغ عليك العذاب حتى يأخذ منك الالفى ألف دينار بأسرها . وأنت أن حالك تفى بها ولكنك تفتقر بعدها ويرجع إلى المال ولا يذهب على (1) ليس في الاصل

تعلم

منه دائق وأكون قد أهلكت عدوى وشفيت غيظى واسترجعت مالی وصنت نعمتى وازداد محلى عظماً بصرف وزير وتقليد وزير . فلما سمع هذا سقط فى يده وقال : ياعدو الله أو تستحل هذا ؟ فقلت : لست عدو الله بل عدو الله من استحل منى ما أحوجنى إلى الفكر في مثل هذا ولم لا أستحل مكروه من يريد هلاكي وزوال نعمتى ؟ فقال أو أيش ؟ قلت أو أن تحلف الساعة بما أستحلفك به من الايمان المغلظة أنك تكون لى لا على فى صغير أمرى وكبيره ولا تنقص لى رسماً ولا تغير معاملة ولا تضع من شيء وتزيد في رفعتى وذكرى الجميل ولا تبغى لى الغوائل ولا تدسيس على المكاره ولا تشرع لى فى سوء ولا نكبة أبداً ظاهراً ولا

(1)

باطنا وتفعل وتفعل . فاشترطت عليه الأمن من كل ما كنت أخافه منه فقال : وتحلف أنت أيضاً بمثل هذا اليمين على جميل النية وحسن الطاعة والموازرة . فقلت : أفعل . فقال : لعنك الله فما أنت إلا إبليس سحرتني

ء

والله . واستدعى دواة وعملنا نسخة اليمين فأحلفته بها أولاً تم حلفت له فلما أردت القيام قال : يا أبا عبد الله لقد عظمت في نفسي وخففت قلا عنى فوالله ما كان المقتدر يفرق بين كفايتى وغناى وموقعى وبين أخس كتابي كما ذكرت مع المال الحاضر فليكن ما جرى مطويا . فقلت : سبحان الله . فقال : وإذا كان غداً فصر الي في المجلس العامي لترى ما أعاملك به ، فنهضت فقال : ياغلمان بأسركم بين يدى أبى عبد الله . خرج بين يدى

مائتا غلام فعدت إلى دارى وما طلع الفجر فاسترحت وجئته في وقت (۱) ليس في الاصل

المجلس فرفعنى فوق جميع من كان بحضرته وقرظني التقريظ التام وعاملني بما علم منه الحاضرون رجوعه لى وأمر بأفشاء الكتب إلى عمال النواحى بأعزاز وكلائى وصيانة أشيائي وضياعى وتقدم إلى كتاب الدواوين بأخراج كل ما كانوا أدخلوه إليها من تغير رسومى والزيادة على وأن أجرى على الرسوم القديمة فشكرته وقمت فقال : ياغلمان بين يديه . خرج الحجاب يجرون سيوفهم بين يدى والناس يشاهدون ذلك ويعجبون منه وقد رجع جاهى ولم يعلم أحد سبب صلاح ما بيننا فما حدث بذلك إلا بعد القبض عليه ثم قال لى أبو على ابنه : فهل هذا فعل ورأى من يليق به ما حكى

من تلك الحكايات عنه ؟ فقلت : لا

صحنه

حدثني أبو محمد عبد الله بن احمد بن ابى بكر داسة قال : حدثني بعض بكرداسة شيوخنا قال : كنا بحضرة أبي عمر القاضي فجرى ذكر ابن الجصاص وغفلته فقال أبو عمر : معاذ الله ما هو كذلك ولقد كنت عنده منذ أيام مسلماً وفى سرادق مضروب فجلسنا بالقرب منه نتحدث فاذا بصرير نعل من خلف السرادق فصاح : يا غلام جئنى بمن مشت خلف السرادق الساعة . فأخرجت اليه جارية سوداء فقال : ماكنت تعملين ههنا ؛ قالت : جئت الى الخادم أعرفه أنى قد فرغت من الطبيخ وأستأذن في تقديمه . فقال : انصر فى لشأنك . فعلمت أنه أراد أن يعرفني أن ذلك الوطء وطء سوداء مبتذلة وأنها ليست من حرمه ولا من يصونه فيزيل عنى أن أظن به مثل ذلك في حرمه فكيف يكون هذا مغفلا ؟

حدثنى أبو العباس هبة الله بن المنجم أن جده حدثه أنه لما قبض

المقتدر على ابن الجصاص أنفذ الى داره من يحصى ما فيها ويحمله فقال لى الذى كتب الاحصاء : إنا وجدنا له فى جملة قماشه سبعمائة مزملة خيازر

فما ظنك مروءة وقماش يكون هذا فى جملته ؟

كنت في حضرة الوزير أبي محمد الحسن بن محمد بن هرون المهلبي حمه الله ببغداد وقد دخل اليه أبو اسحق القراريطي بعد وروده من مصر وأبو القسم الجهني حاضر فقال له : ياسيدى تسأل أبا اسحق عن الحكاية التي كنت حكيتها لك في أمر الجامات البجاذى فانى كنت ذكرت لك

[ocr errors]
[ocr errors]

أنه كان حاضرا لأمرها وما علمت أنه يقدم من مصر فأواطئه . فقال له أبو محمد : ما بك الى هذا حاجة . فقال : بلى ياسيدى . ثم التفت الى القراريطي فقال : إني حكيت لسيدنا الوزير أن المقتدر أنفذني أيام تقلدى له المواريث لقبض تركة فلان ( فذكر أميرا جليلا قد أنسيت اسمه على الحقيقة وأظنه قال أنس الموفق ( وأنفذك مستظهرا بك لتحصى التركة وانها كانت هائلة عظيمة وإنا وجدنا فيها ثلاثين جامة بجاذي كل جامة فتحها شبر وكسر فى غلف من لب الخيازر مبطنة بالحرير والديباج مضربة بالنبات محلاة بالذهب فأثبتناها وحملناها الى المقتدر فياله حسنها وأحضر ابن الجصاص وأمر بتقويمها . فقال : ما أعرف لها قيمة ولا رأيت مثلها قط ولولا أنى شاهدتها لكذبت بوجود مثلها ولو قلت ان قيمة كل واحد مائة ألف دينار ما خشيت البعد . وإنى لما حدثت سيدنا الوزير أيده الله بهذا الحديث كذبني جماعة من ندمانه وكنت أنت ياسيدى بمصر فان رأيت أن تقيم لى الآن الشهادة . فقال القراريطي قدصدق أيد الله الوزير

« PreviousContinue »